الاثنين، 16 يونيو 2008

مهارة استخراج المفاهيم في تعليم الفلسفة

الجامعة اللبنانية المقرر: تعليم مادة الاختصاص
كلية التربية الاختصاص: فلسفة وحضارات
العمادة الشهادة : كفاءة في التعليم الثانوي





مهارة استخراج المفاهيم
في تعليم الفلسفة






إعداد :
مارلين سعيد
نغم شاهين
لبيب عربي



إشراف :
د. سمير زيدان





الفصل الدراسي الثاني


2007- 2008


المحتوى:

مقدمة

1- ما هو المفهوم ؟

2- المفهوم وتدريس الفلسفة

3- مهارات للاشتغال على المفهمة

4- التمارين ( كيفية استخراج المفاهيم الفلسفية في النصوص)


خاتمة



















مقدمة :

من المعروف أن البيداغوجية تقدم القواعد التي ترتكز عليها العملية التعليمية ، وهي ترتبط بالكشف عن أفضل الطرق لإيصال المعلومة إلى التلميذ ، بتمكينه من تلقيها و فهمها و استيعابها ثم إتقان توظيفها من خلال التمارين ، وهكذا يتم الانتقال من عملية المعرفة إلى المعرفة العملية و من هذه إلى توظيف المعرفة . غير أن المهارة البيداغوجية في الفلسفة لا ترتكز على المعلومة من حيث تمثلها أو استخدامها بقدر ما ترتكز على الآليات الفكرية و النفسية التي تتضافر لتلقي تلك المعلومات أو إنتاجها فتتفاعل معها وتنقدها أو توظفها . والمفاهيم الفلسفية ليست مجرد وحدات معلوماتية ثابتة وإنما هي مرنة ، متحركة ، يتغير معناها من مجال إلى آخر ومن فيلسوف إلى آخرفدور الأستاذ يتمثل بإقناع التلميذ بأهمية المفهوم .وإعطائه قدرات فكرية تسمح له باستخراج دلالة المفاهيم من خلال شبكة العلاقات التي تقيدها بمفاهيم أخرى تتحدد معانيها بالتبادل.واكتساب التلميذ قدرات في التحليل لتمكينه من توظيف هذه المفاهيم بطريقة سليمة في الكتابة الفلسفيّة، وأخيرا الصعود بمستوى التلميذ إلى حد توليد المفاهيم وإنشائها والقدرة على تقويمها وتعريفها وإقامة المقارنات بينها و التصرف فيها بإرادة ذكية وهادفة .[1]
وبرأي جيل دولوز:" ان مهمة الفلسفة الاولي هي خلق المفاهيم ونحتها وهي مهمة تنفرد بها الفلسفة عن باقي المعارف الاخرى من حيث كونها مبحثا ثوريا، جنيالوجيا لا يتوقف عن ابتكار المفاهيم وغرسها وسط الحقول المعرفية المختلفة، فالمفهوم عنده يمنع الافكار من ان تتحول الى آراء بسيطة والى مجرد محادثة او دردشة عابرة..."
ويضيف ايضاً:" ان عملية ابداع المفاهيم، حتى لا نقول نحتها، ليست بالمسألة الهينة التي تعرض ذاتها كتقنية محضة امام الفيلسوف الذي يستخدمها في مواطن شتى، وهي تخرج من جوف" لكتابة الفلسفية" كما يخرج المولود الجديد من بطن أمه عبر سلسلة من الآلام والمعاناة القاسية، لتفضي في النهاية الى بروز المفهوم كاملا ومكتملا بعد ان يكون قد نضر وترعرع في رحم نظام الأفكار الذي يؤسسه الفيلسوف. لذا سيكون من الخطأ الاعتقاد بأنه يمكننا الحصول على المفاهيم الجديدة مثلما هو الحال في مستوى المفردات اللغوية العادية التي يمكن التوليف بينها عن طريق صيغ تعابرية عادية." [2]
اذا ما هو المفهوم ؟؟ وكيف تتجلى مهمته في تدريس الفلسفة ؟ وكيف يطبق في التمارين؟؟


1- ما هو المفهوم؟؟

يصنف المفهوم بدائرة الأهداف النواتية فهو يشكل إلى جانب الاشكلة والحجاج ، مبدأ كل تفكير فلسفي لفهم المدلولات ، على اعتبار أن وظيفة الفلسفة بتعبير جيل دولوز هي إنتاج المفاهيم .
إن المفاهيم في النص الفلسفي غير مستقلة بعضها عن بعض ، بل هي تتحدّد بمقتضى العلاقات المختلفة التي تربط بينها في إطار شبكة مفهومية مخصوصة.
اما هدف المفهوم:
أن يصبح المتعلّم قادرا على: - إجلاء العلاقات القائمة بين المفاهيم. - التمييز بين ما هو أساسي وما هو فرعي منها، وذلك في علاقة وطيدة بالمحتوى الفلسفي للنص . - تجنّب سوء فهم النص الناتج عن عدم تمثل للعلاقات الرابطة بين المفاهيم الواردة فيه أو الغفلة عنها تماما. [3]


2- المفهوم وتدريس الفلسفة :

يبقى المشكل الأساسي الذي يسترعي اهتمام الباحثين في مجال تدريس الفلسفة يتمحور حول كيفية استثمار النص الفلسفي ومن خلال ذلك تهذيب وتطوير القدرات الفكرية للتلميذ ثم إذا كان مفتاح النفاذ إلى فهم النظريات الفلسفية بصورة عامة والكشف عن خفايا التفكير الفلسفي ومقاصده ووسيلتنا للتمييز بين ما هو فلسفي في التفكير وبين ما هو غير فلسفي يتمثل في مشكلة " الحكم " فإن مفتاح الفهم في النص الفلسفي هو " المفهوم" . لا يوجد مفهوم بسيط بل لكل مفهوم مكونات . والمفاهيم تعرف معانيها بحسب علاقاتها بالنظر إلى بعضها البعض ، كالأرقام في أنظمة الأعداد أو كالرتب العسكرية في نظام الجيش : فمفهوم " الآخر " ــ مثلا ــ يعلم بالقياس على مفهوم " الأنا " . لذلك يجب على مدرس الفلسفة ( ودارسها ) أن يكونا على دراية كافية بأهمية " المفهوم " ليس باعتباره الحجر الأساس في بناء النص الفلسفي فقط بل باعتباره أيضا المفتاح الذي يمكن القارئ من فتح ما أغلق من النصوص الفلسفية ، والمعبر الذي لا بد منه لفهمها وتوظيفها ، ثم هو الأداة الأساسية التي إن تمكن التلميذ من القدرة على حذق استخدامها وتقديرها في سياقها، والتحكم في استعمالها، ثم في الأخير تغليب الإرادة الحرة في توظيفها توظيفا هادفا ، فإن التلميذ سيتمكن من الروح الفلسفية والمسك بزمام التفكير . تعتبر المفاهيم المحورية في النص بمثابة المفاتيح التي بواسطتها يلج التلميذ إلى أفكار الكاتب ومقاصده ويعتبر الكشف عن شبكة المفاهيم عملية أساسية لتمثل قضايا النص . والتلميذ الذي سينجح في اتقان هذه الطريقة ، ستقع حمايته :ــ أولا : من التسيب المفهومي الذي يوقعه في " الشقشقة " اللفظية والعبارات البراقة الخالية من المعنى . ــ ثانيا : من التفكير الجوهراني والتشخيصي والمشدود إلى الحدس الحسي . ــ ثالثا : من الاعتقاد في ثبوتية معاني المفاهيم واندراج كل منها في ماهيات فكرية ثابتة لها ما يقابلها في الواقع فتتطابق مع حقيقته . ــ رابعا : من التعامل مع المفهوم كمجرد كلمة خالية من القيمة الفكرية المجردة . وبالإضافة إلى ذلك سيكسب التلميذ ــ بإتقان هذه الطريقة ــ القدرة على التحكم في المفاهيم ، وذلك بالتمكن من فهمها انطلاقا من النص المتضمن لها ، ثم توظيفها أو نقدها ، أو إعادة تنظيم النص وتمثله انطلاقا منها . وهذه الطريقة تفيد كثيرا في تفجير معاني النص من الداخل، دون أن يجد نفسه في حاجة أكيدة إلى إنارة خارجية بالالتجاء إلى معلومات أخرى أو نصوص تضاف إلى النص الأصلي ، بل يكفي أن ينتبه التلميذ إلى العلاقات حتى يتبين دلالة المفاهيم من بعضها البعض ، فيغدو معناها مرتبطا بمكانتها من النسق العام الذي يمثل بنية النص. وهكذا يفهم التلميذ ، أن " العقل " الذي يعنيه أفلاطون ــ مثلا ــ ليس هو " العقل " الذي يعنيه أرسطو ، وأن مفهوم العقل في التصور المثالي ، ليس هو نفسه في مدارس وتيارات مادية أو تجريبية ، ويطبق ذلك على كل المفاهيم الأخرى.[4]

3- مهارات للا شتغال على المفهمة :

سواء كانت هذه المهارات مختصة برصد المفاهيم أو إثبات دلالاتها (سياقيا أو إسناديا ...) أو البحث في طبيعة العلاقات بينها ، أو تتبع نمو مفهوم ما داخل سياق النص فإن ذلك يستدعي سيرورة تفكير تتمكن وفق سلسلة متدرجة من المهام من تحديد مجال النص الذي يحلل أو الإلتزام بمطلوب ما يكتب بشكل دقيق .
لذلك فإننا نقترح لمباشرة مثل هذه المهارة التخطيط التالي :
- إستخراج شبكة الكلمات المفاتيح .
- تقسيم هذه الشبكة وفق أبعاد دلالية الى مجالات .
- البحث عن الروابط بين هذه المجالات .(مقارنة -تفريق - تماهي تناقض ...)
- تحديد النواة التي تتحرك وفقها جميع المجالات .
- إستخلاص دلالة المفهوم من خلال تتبع التحولات التي تفترضها سيرورة إنبنائه داخل النص .
من الواضح أن الكشف عن الجهاز المفهومي لنص ما ليس بالأمر اليسير ،بل من الواضح أيضا أن للمفهوم في الفلسفة مكان الريادة إذ يعلن دولوز و غاتاري في كتابهما "ماالفلسفة ؟"أن الفلسفة في صميمها هي خلق للمفاهيم أو إعادة إحيائها .لذلك فإن عملية المفهمة تشترط إشتغالا على اللغة العادية ، مساءلتها أي أن تحمل محمل السؤال تلقائية المفاهيم البديهية و زيفها و بكلمة :
« Pour conceptualiser ,il faut décrire un champ sémantique, examiner la ou les fonctions d’une notion ,la pertinence de son emploi, sa genése et son évolution »
و يمكن في هذا المستوى إيراد المخطط التالي (15)حتى تتضح إتجاهات المفهمة من خلال الإنتقال من الفكرة العامة الى المفهوم :
ë أ) فكرة -تصور بدئي أو تعريف أولي
أن نضع موضع سؤال حتى نعمقه (مقاربة إشكالية )
ëب)حسيا نتصوره من خلال رموز ،أمثولة ،مماثلة
تشكيل الدلالات المجردة لهذه الصور (مقاربة مجازية )
-- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
الفكرة العامة ï مسارات المفهمة ï المفهوم
-- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
ëج)التعبير عنه بكلمة :البحث و التساؤل عن المعنى
من خلال الحقل اللغوي. (مقاربة لغوية )
íد)توضيح فهمه من خلال خصائصه أو محمولاته الخصوصية
(مقاربة فهمية )
íهـ)آليات فهمه الواقعية :إعادة البحث في معناه من خلال إستعمالاته
و إمتداده في المجال التطبيقي . (مقاربة تطبيقية extensive)
إذا كانت المقالة الفلسفية من هذا المنطلق بناء إشكاليا برهانيا مفهوميا فإن تحديد هذه الانحاء وفق خطة منهجية تستحضرها و تثبتها ضرورة تمليها عملية تدريب التلميذ على فن الكتابة الفلسفية .[5]

4- التماربن:
كيفية استخراج المفاهيم من النص الفلسفي :

التطبيق:


*النصّ الاول: نص لليبنيز من مؤلفه " محاولات جديدة حول الذهن البشري ".

" هل أن كل الحقائق رهينة التجربة أي الاستقراء والأمثلة أم هناك حقائق لها إلى جانب ذلك أساس مغاير ؟ ذلك أنه إن كانت بعض الأحداث قابلة للتوقع قبل أي اختبار لها، فإنّه من البين أننا في ذلك التوقع نضيف شيئا ما من عندنا. ولئن كانت الحواس ضرورية لكل معارفنا الحاصلة فإنّها غير كافية البتة لتعطينا جميع هذه المعارف لأن الحواس لا تقدم أبدا سوى أمثلة، أي حقائق خاصّة أو مفردة، والحال أن كل الأمثلة التي تؤكد حقيقة عامة لا تكفي - مهما كان عدد هذه الأمثلة - لإقامة برهان على الضرورة الكلية لهذه الحقيقة عينها، إذ أنّه لا يلزم أن ما حدث سيتكرر حدوثه ، ومثال ذلك أن الإغريق و الرومان وكل شعوب الأرض الأخرى المعروفة لدى القدامى قد لاحظوا دوما أنه قبل انقضاء أربع وعشرين ساعة ينقلب النّهار إلى ليل والليل إلى نهار. و لكنّنا نكون قد أخطأنا لو اعتقدنا أن نفس القاعدة تلاحظ في كلّ مكان آخر، بما أن التجربة منذ ذلك الحين قد برهنت على عكس ذلك أثناء الإقامة في مجموعة من الجزر في المحيط المتجمد القطبي ، ويخطئ ذلك الذي يعتقد أن هذه القاعدة تمثّل حقيقة ضرورية وخالدة على الأقل محليا عندنا، بما أن حتى وجود الأرض والشمس نفسيهما ليس وجودا ضروريا بل قد يأتي وقت ينقرض فيه هذا النّجم الجميل على الأقل في شكله الحالي ، كما قد تنقرض منظومته بأكملها. ومن ثمة يتجلى أن الحقائق الضرورية مثل الّتي في الرياضيات المحض - وخاصّة في علم العدد (الأرثمطيقا) والهندسة - لا بدّ أن تكون لها مبادئ لا يخضع البرهان عليها للأمثلة أصلا، ولا يخضع بالتالي لشهادة الحواس رغم أنه لولا الحواس لما خطر لنا أبدا أن نفكر في تلك الحقائق ." ليبنيتز " محاولات جديدة في الذهن البشري "

يقتضي استخراج شبكة المفاهيم في هذا النص:

- - فهم أطروحة الكاتب المتمثّلة في اعتباره أن الوقائع والأمثلة والملاحظات الحسية لا تمثل شرطا كافيا لبلوغ معرفة علمية أي معرفة تكتسي طابع الضرورة والكلية، بل أن تحقيق هذه المعرفة متوقف على ما يقوم به العقل ذاته من بناء للمعرفة بواسطة ما يتوفر عليه من مبادئ ضرورية تتجلّى فعاليتها بكل وضوح في الرياضيات وتلك المبادئ هي التي تضمن المعرفة من كلّ احتمال أو ريب .

- - فهم الأطروحة ا لمقابله والمتمثّلة في التصور الخبري (أو الامبريقي ) للمعرفة (كما تجسد في أعمال لوك مثلا الذي يقول : " ما من شيء في العقل إلا وقد سبق وجوده في الحس" .

- - إفتراض وجود مفهوم ضمني مبثوث في النّصّ دون حضور معجمي ، وهو مفهوم " الروح ". إستخراج المفاهيم ثم ترتيبها وفق جدول مزدوج من التقابلاتالحواس الرّوح التّجربة أمثلة إستقراء مبادئ حقائق خاصّة حقيقة عامّة حقائق ضروريّة ( مثل التي في الرياضيات )أو مفردة ضرورة كلّية يتبيّن في ضوء هذه الشبكة أن كل مفهوم يتحدد بالمفاهيم الأخرى: فمفهوم "الحقيقة" في هذا النص يتفرع إلى:

- - " حقيقة خاصّة " (أو مفردة) : مصدرها الحواس وتتجلى في أمثلة وفي عينات محدد ة .

- - " حقيقة عامة ": ناتجة عن الاستقراء والتعميم وتفتقر بفعل ذلك إلى خاصيتي الضرورة والكلية مثلا: الشمس تشرق ( بوجه عام )

- - " حقيقة ضروريّّة ": تتميز بخاصيتي الضرورة و الكليّة : وهي حقائق لا يملك العقل إلا أن يقبلها لأنها ضروريّة بالمعنى المنطقي . مثال ذلك : الحقائق الرّياضية، و القوانين الفيزيائية (يبرر ليبنيتز طابع الضرورة في القوانين الفيزيائية بمبدأ أساسي في العقل وهو " مبدأ العلّة ا لكافية ". يتجلّى استرداديا في ضوء الاشتغال على هذه الشبكة أن الأطروحة المقابلة - أطروحة ج . لوك - تقتصر في نظر ليبنيتز على " الحقائق الخاصّة أو المفردة " و" الحقائق العامة " ولا تستطيع بالتالي أن تفسر وجود حقائق ضروريّة تكتسي طابع الضرورة و الكلية ( الحقائق الرياضية مثلا ) هل أن الحقائق تابعة للتجربة وثمرة للتعميم أم أن هناك حقائق ضروريّة وكلية ؟ ذلك هو المشكل الذي واجهه الكاتب ولجأ في معالجته إلى مفاهيم مثل " الكلّية "، " المبادئ "، " الضرورة " ... يتحدد مضمونها سياقيا، كما اقتضى منه إعادة صياغة لمفهوم " العقل " من خلال محاورة المنظورين العقلاني ( ديكارت و لوك ). [6]

*النص الثاني : " الدّين والحاجة إلى التماسك الاجتماعي ": دوركايم"

يتعلق هذا النص لدركايم بالنظر في ما يصنع وحدة المجتمع ويضمنها ويجيب الكاتب عن ذلك بأنه يتمثل في توحيد المشاعر والتصوّرات.
و السؤال يطرح عن كيفية تحقيق وحدة المشاعر و التصورات هذه ، والجواب هو أن ذلك إنما يتم بواسطة الاتحادات والجمعيّات و التكتلات . فما هي وسائل هذه الاتحادات في تحقيق هدفها ؟ وسائلها إنما هي " الرموز " : يمكن أن تكون دينية ويمكن أن تكون غير دينية (قومية أو أخلاقية..)هل هذه الرموز خالدة ؟ إنها في الواقع رموز عارضة وطارئة وخاصّة فنوع من الاحتفالات (دينية كانت أو قومية ... إلخ)هل يمكن أن نستخلص من ذلك مضمون مفهوم الدّين ؟
في الدين ما هو جوهري وما هو عرضي : الجوهري فيه هو وظيفته المتمثّلة " في تأكيد المشاعر المشتركة" لمجموعة ما (وليس هذا حكرا على الدين إذ يمكن لهذه الوظيفة أن تتحقق بواسطة الاحتفالات القوميّة مثلا ) وما هو عرضي هو الرموز التي يتمظهر الدين بواسطتها، إذن ما هو جوهري في الدين ليس الدين . النص إذن لا يتعلق بالدّين بل بوظيفة اجتماعية يمكن أن تتحقق من خلال الدين أو غيره .
- مزالق في فهم بعض العبارات الواردة في النصّ، من ذلك : • • " الأناجيل الجديدة " : وهي عبارة لا تعني ديانات جديدة بل تعني رموزا جديدة تستعملها التكتلات الاجتماعية لضمان وحدة المجتمع الضرورية لبقائه مثلا : إحياء ذكريات وطنية، وما الرموز التي تعبر عنها، كالنصب التذكارية وباقات الزهور و احترام دقيقة صمت واستعمال المشعل وتحية العلم ... إلا وسائل مختلفة ومتغيرة لضمان الوحدة الاجتماعية. • • " إيمان جديد " : كلمة إيمان لا تعني هنا إيمانا دينيا بل اعتقادا يؤول إلى تماسك الجماعة وهو اعتقاد يتمظهر بأشكال مختلفة كتلك التي ظهرت عبر التاريخ ، وقد يتخذ في المستقبل أشكالا جديدة ليس بمقدورنا تحديدها مسبقا. • • " جوهر الأمور " جوهر الأمور ليست الرموز التي يتلحّف بها الروح الديني أو الروح القومي بل جوهرها يتمثل في ضمانها لوحدة المجتمع . وبناءا على ما سبق ذكره يمكن أن نستخلص أن المفاهيم الأساسيّة في هذا النص هي : - " الرموز " ( التي يتلحّف بها الفكر الديني ) : إحالة إلى ما هو خارجي وإلى الطابع العرضي لهذه الرموز. - " المشاعر و التصورات الجماعية " - " وحدة المجتمع " - " دين " وتتمحور هذه المفاهيم حول مفهوم نواة وهو مفهوم " وحدة المجتمع ". ملاحظة: يعتبر مفهوم " الدين " هاما في النّص لكن قد يساء تأويله ، وهو ما أشرنا إليه أعلاه . وتفاديا لذلك يمكن دعوة المتعلّمين إلى قراءة النص قراءة يتمكنون في ضوئها من تحديد مفهوم " الدين " سياقيا، ودعوتهم إلى استخراج القضيّة الأساسية (أي أطروحة النص )، وإذا هم أساؤوا تحديد القضية الأساسية، فإنهم سيسيئون تحديد المفاهيم الأساسية. [7]


خاتمة :

ان ما يجب التأكيد عليه إذن في النهاية أن المفاهيم الفلسفيّة غير بريئة و إنما تحمل مقاصد وأغراض واضعيها وتتطور وتتكامل في اتجاه أهداف ذاتية أوموضوعية أو سياسية اجتماعية تكون ظاهرة أو خفية . وهي تتحول وتتغير معانيها ودلالاتها بتغير هذه المقاصد واختلافها . كما أن هذه المفاهيم تستقل وظائف مختلفة من نسق معرفي إلى نسق آخر . ويجب توجيه التلميذ إلى العناية بالمفهوم من حيث هو مفتاح التفكير والإنتاج الفلسفي ، لا باعتباره يمسك بالوجود الحقيقي ، بل باعتبار وظيفته ، الافتراضية / الاستنتاجية ، في بلورة التفكير وحصر مجالات المعرفة وتحليلها ونشرها ونقدها وإعادة حصرها وتطويرها[8] .

المصادر الالكترونية


[1] http://forum.egypt.com/arforum/showthread.php?t=15191

[2] http://www.mohawer.net/forum//showthread.php?t=11372

[3] http://eleves.philobac.net/modules.php?name=News&file=article&sid=20

[4] http://forum.egypt.com/arforum/showthread.php?t=15191

[5] http://www.edunet.tn/ressources/resdisc/philo/philoelev/Memoire/App/part1/condit.htm

[6] http://eleves.philobac.net/modules.php?name=News&file=article&sid=20

[7] http://eleves.philobac.net/modules.php?name=News&file=article&sid=20

[8] http://forum.egypt.com/arforum/showthread.php?t=15191

ليست هناك تعليقات: